«البلاك بيري».. صنع العزلة وشرود الذهن إلى عالم آخر !
في عصر ثورة المعلومات والتقدم التكنولوجي جاءت تقنية البلاك بيري لتقدم صرعة جديدة في سهولة الوصول للمعلومات في أي وقت ومكان، وقدّمت اختصاراً كبيراً للوقت والجهد، وصار بإمكاننا تصفح الانترنت والاطلاع على البريد الالكتروني والتواصل مع الأصدقاء في كل مكان، إضافة إلى سرعة الإرسال والاستقبال وامكانية الوصول للكثير من التطبيقات الأخرى، وصرنا كثيراً ما نرى أونسمع أشخاصاً يستخدمون هذه التقنية حتى يكاد قسم منهم لا يستطيع الاستغناء عنها؛ فهل وصلت هذه الظاهرة لحد الادمان؟، وأصبح مستخدموها محاطون بعزلة الكترونية نسجتها حولهم "خيوط البيبي".
وجهات نظر متباينة
"زهراء جعفر" - طالبة جامعية - تقول: إن البلاك بيري خدمة جيدة، ونحن كشباب مثقف ومطلع بحاجة لمثل هذه التقنية للاستفادة منها؛ فهي توفر لنا سهولة في الوصول للمعلومة في عصر اصبحت السرعة سمة له، وأنا شخصياً استفيد من هذه الخدمة في مجال دراستي، وفيما يتعلق بالجانب السلبي ترى "زهراء" أن البلاك بيري سلاح ذو حدين، وبالتالي الشخص مخير في كيفية استخدامه؛ فلكل منا عقل يحكمه بالانتفاع بالجزء الجيد في هذه التقنية ونبذ مافيه مضرة وعادات سيئة دخيلة على اخلاقنا ومجتمعنا.
أما "علياء المنصور" فترى أن البلاك بيري لا يتعدى كونه موضة يفضلها شريحة من المراهقين والشباب، وتقول:"إن الخدمات التي يقدمها ليست بالجديدة ،ولا أرى فيها تلك المنفعة الكبيرة، بحيث لا يمكن الاستغناء عنها، فأنا أؤمن بمسألة تنظيم الوقت، ووجود جهاز من هذا النوع معي أعطيه فرصة للتطفل على وقت أولادي وأهلي؛ نظراً لانشغالي به على حساب احتياجاتهم، كذلك سهولة حمله؛ في حين يمكنني تصفح الانترنت والتواصل مع اصدقائي الكترونياً في أوقات معينة يمكنني حصرها؛ لأنها تستلزم الجلوس أمام شاشة الحاسب الالي.
"ليلى حمد" - طالبة جامعية - تقول: استخدمت البلاك بيري فترة من الزمن وكنت فعلاً مغرمة به، ومع سهولة حمله واستخدامه صار هو خلي الوفي، وصرت لا أسمع ولا أتكلم إلاّ من خلاله، وتدريجياً فقدت الكثير من علاقاتي الاجتماعية وصداقاتي واستعضت عنها بصداقات الكترونية، حتى كدت أصير منعزلة عن أهلي ومن حولي بكثرة السرحان، وقلة التكيف مع محيطي غير آبهة بملاحظات أهلي وانتقاداتهم، حتى هزتني كلمات أعز صديقاتي التي لامتني على عدم مواساتها خلال الفترة الماضية، حيث كانت تمر بظروف قاسية واتهمتني بأنني اصبحت امرأة آلية، وفقدت الكثير من علاقاتي، وأني اصبحت فتاة منطوية بعد أن كنت أتمتع بالكثير من الحضور الاجتماعي، ومنذ ذلك الوقت اخذت قرار الانفصال عنه.
"وفاق الحسن" - طالبة جامعية - تحدثت باسهاب، وقالت:"لم أفكر أبداً باستعمال هذا الجهاز، ولم أر حقاً ما يجذبني له.. يكفيني ماسمعته من مشاكل ومارأيته من مشاهد عجيبة، فأنا أرى أن 40% من الناس يشتريه فقط للمظاهر، و55% فقط للتسلية والكلام الممل، و5% للاستفادة منه، ومايلفت نظري في موضوع البلاك بيري أنه يسحر من يمتلكه بجنون، وكأنه في عالم آخر، وهو مكب برأسه على هذا الجهاز دون شعور بمن حوله؛ يتكلم ويعلق ويضحك بصمت، واستغرب جداً من طالبة في الجامعة لديها البلاك بيري تجلس لتتكلم بالجهاز، ومكبة رأسها ولا تتواصل مباشرة مع من حولها، ومايزيدني غرابة شعوري بمدى شوقها للتكلم به".
وأضافت: أن هذا الجهاز يسلب منا الفرصة التي نتواصل فيها مع من نحب بصدق ومحبة، والتواصل المباشر بالصوت أو الصوت والصورة معاً أفضل بكثير مقارنة بكلام يكتب ورموز تعبّر عن ملامحنا، وبالرغم أنه وسيلة اتصال لكنه بذات الوقت يجعل الفرد منطويا على نفسه له عالمه الخاص، خصوصاً لو كانت فتاة أو شابا في سن المراهقة، فضلاً عن الاضرار الصحية من توتر وقلق وقلة التركيز مع صداع من كثرة استخدامه.
إجهاد للعين وخلل للأعصاب
وتعلق "وفاء الحواج" -مشرفة بكلية الآداب، قسم التربية وعلم النفس- عن تقنية البلاك بيري، قائلة:"الجهاز عبارة عن هاتف به بعض الخدمات مثل الإيميل والماسنجر والتصفح ...الخ، وهو كباقي الأجهزة المتطورة والحديثة (سلاح ذو حدين)، ومع الأسف كثير من شبابنا استعمله بشكل سيء، وأصبح وسيلة لتضييع الوقت والغزل والألعاب ونشر الصور، وأداة من أدوات الرفاهية والمفاخرة، وقد غفل هؤلاء عن الجانب الإيجابي للبلاك بيري فهو مكتب مصغر يساعد الفرد على تلبية احتياجاته وطموحاته وتسهيل أعماله من أي مكان، وكذلك التواصل مع الأصدقاء والزملاء.
وأضافت:"نلاحظ أن بعض الأفراد يقوم باستخدامه لساعات متواصلة؛ مما قد يسبب إجهادا للعين، وخللا للأعصاب، وقلة التركيز، وقلة المناعة، و كثير من الأرهاق، كما يؤثر على حدقية العين المتصلة بالأعصاب والجهاز المناعي"، مؤكدة على عدم الاستهانة بهذا الأمر، خاصة لمن هم دون سن الواحد والعشرين.